المناجم من أكثر الأماكن غموضًا على وجه الأرض، عوالم تمتد أميالًا تحت سطحها، مظلمة وسحيقة كأنها بلا نهاية. عبر التاريخ، استخرج الإنسان منها كل شيء تقريبًا؛ من الملح والذهب، إلى معادن نادرة مثل "التنتالوم" و"الغالوم".
لكن أحيانًا، لا تكون المفاجأة في ما يُستخرج من باطن المنجم... بل في ما يُكتشف بداخله.
10. جثة محفوظة بشكل مذهل
العثور على جثث داخل المناجم أمر مألوف للأسف، فالكوارث كانت شائعة في القرون الماضية.
لكن في عام 1719، عثر عمال منجم النحاس في مدينة "فالون" السويدية على جثة غريبة: رجل بلا ساقين، لكن جسده وملابسه في حالة ممتازة وكأنه توفي قبل أيام.
بعد عرضه علنًا للتعرّف عليه، تقدمت امرأة تُدعى "مارغريت أولسدوتير" لتقول إنه خطيبها الذي اختفى قبل 42 عامًا!
مع مرور الوقت، بدأت الجثة تجف وتتحجر، لتصبح صلبة مثل الخشب. السبب؟ المياه الغنية بمركب كبريتات النحاس (الفيتريول) التي حفظت جسده لعقود.
والأغرب أنهم احتفظوا بجثمانه معروضًا لثلاثين عامًا أخرى قبل أن يُدفن أخيرًا في الكنيسة!
9. أرشيف بيانات تحت الأرض
بعد توقف التعدين، تصبح المناجم مجرد فراغ هائل لا يُستخدم. بعض الدول تخزّن فيها نفايات سامة، لكن بعضها استخدمها لأغراض أنبل.
شركة GitHub مثلًا، خزّنت أكثر من 21 تيرابايت من بيانات البرمجيات مفتوحة المصدر في منجم مهجور بالقطب الشمالي في النرويج عام 2020.
المكان يتمتع بحرارة ورطوبة ثابتة مثالية لحفظ البيانات، والهدف هو أن تظل هذه المعلومات آمنة لمدة ألف عام على الأقل!
8. كلب سام عاش في منجم
في منجم النحاس المكشوف "بيركلي بيت" في ولاية مونتانا الأمريكية، عاش كلب ضال يُعرف باسم المدقق (The Auditor).
كان يظهر ويختفي لأيام، يتجول بحرية، ويتلقى الطعام من العمال، لكنه لم يكن يسمح لأحد بلمسه.
الغريب أنه عاش هناك من عام 1986 حتى 2003، أي نحو 17 سنة. وبعد وفاته، اكتشف العلماء أن شعره يحتوي على زرنيخ بنسبة تفوق الطبيعي بـ128 مرة!
رغم البيئة السامة، عاش هذا الكلب أطول من كثير من الحيوانات الأليفة... وكأنه مخلوق منجمٍ بحق.
7. أفعى التايتانوبوا
لو كنت تعتقد أن الأناكوندا العملاقة هي أكبر أفعى في العالم، فاستعد لتغيّر رأيك.
في منجم فحم في كولومبيا، عُثر على أحفورة لأفعى تُدعى Titanoboa، وصل طولها إلى 12 مترًا ووزنها أكثر من طن واحد — أي بحجم وحيد القرن تقريبًا!
كانت هذه الأفعى تجوب المستنقعات قبل 58 مليون سنة، وبحجمها ذاك ربما لم يكن هناك أي فريسة آمنة منها. مجرد تخيلها كفيل بأن يجمد الدم في العروق.
6. أرشيف تقاعد الحكومة الأمريكية
في ولاية بنسلفانيا، يوجد منجم جيري يدعى Iron Mountain على عمق 190 مترًا تحت الأرض.
اليوم، يعمل فيه نحو 600 موظف من مكتب شؤون الموظفين الأمريكي، لتخزين جميع الملفات الورقية لكل موظف اتحادي متقاعد.
تُرسل آلاف الملفات الورقية يوميًا إلى هناك، وكلها تُحفظ يدويًا، لأن النظام ما زال يعتمد الورق!
المفارقة أن كل عملهم الرقمي يُطبَع ويُخزّن ورقيًا أيضًا — كأن الزمن توقف عندهم في الثمانينات.
5. ماء عمره مليارا سنة
في منجم بكندا، تحديدًا في "تيمينز – أونتاريو"، اكتشف العلماء مياهًا محبوسة منذ أكثر من ملياري سنة!
تحليل العناصر داخلها — كالهيليوم والزينون — أثبت أن هذا الماء أقدم من ظهور الكائنات متعددة الخلايا على الأرض.
لكن لا تحاول شربه؛ فمستواه الملحي يعادل ثمانية أضعاف ملوحة البحر. إنه أقرب إلى رسالة من الماضي أكثر من كونه شرابًا.
4. مسار دراجات داخل منجم
في بلدة "ميجيتسا" في سلوفينيا، حُوّل منجم رصاص وزنك مهجور إلى مسار دراجات مذهل يُعرف بـ "الفتحة السوداء" (The Black Hole Trail).
يمتد المسار بطول 10 كيلومترات ويهبط 150 مترًا تحت الأرض عبر خمسة مستويات.
الرحلة ليست سهلة، فهي مخصصة للدرّاجين المحترفين، وتُخاض فقط برفقة مرشدين بسبب تعقيد الأنفاق وتشعبها. إنها تجربة مغامرة داخل قلب الأرض.
3. مخزن سيارات من ثلاثينيات القرن الماضي
في عام 2016، اكتشف مدرس بلجيكي أثناء تجوله في منجم فرنسي عشرات السيارات الأوروبية القديمة، جميعها تعود لحقبة الثلاثينيات.
الاعتقاد السائد أن سكان المنطقة أخفوا سياراتهم خلال الحرب العالمية الثانية خوفًا من مصادرتها من قِبل الألمان، لكنهم لم يعودوا لاستعادتها أبدًا.
النتيجة: متحف صدئ صامت تحت الأرض... مليء بتاريخ توقف مع المحرك الأخير.
2. مدينة ملاهي تحت الأرض
منجم الملح الروماني Salina Turda تحوّل من موقع عمل إلى وجهة ترفيهية مدهشة.
أُغلق المنجم عام 1932، واستخدم لاحقًا كمأوى من الغارات خلال الحرب العالمية الثانية، ثم أُعيد افتتاحه في التسعينات بعد تجديد ضخم.
اليوم، يحتوي على بحيرة تحت الأرض، دولاب هواء ضخم، صالة بولينغ، ميني غولف، وحتى سبا للعلاج بالملح.
كل ذلك على عمق 120 مترًا تحت سطح الأرض — عالم من المتعة الملوّحة!
1. أكبر منتجع غوص للمياه العذبة في العالم
في ولاية ميزوري الأمريكية، يوجد منجم الرصاص Bonne Terre الذي غمرته المياه بعد توقف الضخ عام 1962.
النتيجة كانت بحيرة ضخمة تحت الأرض تُعرف اليوم باسم بحيرة المليار غالون.
تبلغ مساحتها عشرات الكيلومترات من الأنفاق المائية، وعمقها يصل إلى 60 قدمًا في بعض النقاط.
أُضيفت إضاءة ضخمة بقوة نصف مليون واط لتحويل المكان إلى أكبر منتجع غوص تحت الأرض في العالم.
المنظر ساحر، والمياه شفافة كالكريستال، وكأنك تغوص في متحف الزمن نفسه.
المناجم لم تكن يومًا مجرد حُفر لاستخراج المعادن… بل بوابات لعوالم منسية، تحمل قصصًا من التاريخ، والعلم، لايصدقها العقل.






مدونة عربية حديثة تجمع بين المعرفة والمتعة، تنقلك من أعمق المناجم إلى أبعد المجرات.
نكتب عن الاكتشافات، الفنون، السفر، والعلوم بطريقة تبسّط الفكرة وتثير الفضول.
هنا... نبحث عن القصص التي تستحق أن تُروى.
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق