Slider

مراهق شاهد مدينته تحترق… فابتكر نظامًا بالذكاء الاصطناعي ينقذ العالم من حرائق الغابات

0



 معظم المراهقين يقضون وقتهم في الدراسة أو الألعاب أو حضور الحفلات.

لكن فرانكو رودريغيز فياو لم يكن مثلهم.
ففي عمر السادسة عشرة، شهد الكارثة وهو يرى منازل أحبّته تحترق في حريق غابات مدمر.
ومعرفته المباشرة بالأثر المأساوي لمثل هذه الكوارث على البشر والطبيعة والمستقبل،
جعلته يبحث عن حل حقيقي.

اليوم، وبعد أن أصبح في الحادية والعشرين،
أصبح فياو – من الأرجنتين – واحدًا من أشهر المبتكرين الشباب في عالم تقنيات المناخ عالميًا.
ابتكاره “Satellites on Fire” (أقمار على النار) هو منصة تعتمد على الذكاء الاصطناعي للكشف المبكر عن حرائق الغابات،
وتُستخدم حتى الآن في 19 دولة،
ويُنسب إليها الفضل في منع مئات الحرائق من التحول إلى كوارث لا يمكن السيطرة عليها.

قال فياو خلال حضوره قمة One Young World 2025 في ميونيخ بألمانيا لصحيفة نيوزويك:

“أحاول ألا أعلق في مشاعري، بل أستخدمها كمصدر إلهام ودافع.
وأعتقد أن أفضل طريقة لبداية شركة ناشئة هي أن تواجه مشكلة شخصية… ثم تتجاوزها وتتحرك.”

خلال ذروة جائحة كورونا، عندما اشتعلت الحرائق في قرطبة – الأرجنتين،
كان على فياو التعايش مع رؤية الدخان المتصاعد من المباني،
والسماع للأخبار المقلقة،
والخوف على عائلته وأصدقائه.
أدى الحريق إلى مقتل شخصين، وحرق أكثر من 60 ألف هكتار من الأراضي.

قال:

“أحبّة لي فقدوا منازلهم… لحسن الحظ تمكنوا من الخروج في الوقت المناسب.
لكنها كانت تجربة قاسية جدًا بالنسبة لي.”

بدلًا من أن يشلّه الخوف، أصبح مهووسًا بسؤال واحد:
لماذا نعتمد حتى الآن على مكالمات 911 للكشف عن الحرائق؟

وأضاف:

“بدأت هذه المهمة عندما كان أصدقائي يلعبون ألعاب الفيديو.
وبدأت أتساءل: كيف في القرن الحادي والعشرين لا نستطيع اكتشاف الحريق قبل أن يدمّر كل شيء؟”


بناء النظام وتحدي الشكوك

بدأ فياو بالتواصل مع رجال الإطفاء وحراس الغابات والعلماء،
لفهم كيفية انتشار الحرائق،
ولماذا تصل البلاغات متأخرة،
وماذا يمكن فعله بطريقة مختلفة.

فضوله – الذي تغذى عليه منذ طفولته بمعرفة العلوم والبرمجة والفيزياء،
وبتشجيع دائم من والدته التي علّمته أن يشكّك في الأشياء –
تحول سريعًا إلى شيء أكبر من مجرد مشروع مدرسي.

قال:

“في المدرسة كان علينا كل عام تقديم مشروع كبير،
قد يكون لعبة أو موقعًا إلكترونيًا أو أي شيء آخر.
فبدأنا تطوير هذا النظام لمدة أربعة أشهر.
قدمناه في المدرسة… لكننا لم نكن نريد أن ينتهي كمشروع مدرسي،
كنا نريد أن يصبح شيئًا ينقذ أرواح الناس.”

لكن في البداية، سُخِر منهم.

قال فياو:

“تحدثنا مع أشخاص يعملون في الحدائق الوطنية وقالوا لنا إن ما فعلناه بلا قيمة.”

ومع ذلك، لم يستسلم.
عمل هو واثنان من زملائه – دون خبرة رسمية – على تحسين النظام،
وواصلوا الحديث مع العاملين في خطوط مواجهة الحرائق،
مصممين على تحويل Satellites on Fire إلى أداة مؤثرة.

النسخة النهائية من النظام تجمع بيانات من أكثر من ثمانية أقمار صناعية
تابعة لـ ناسا، NOAA، ووكالة الفضاء الأوروبية،
وتدمجها مع نماذج الذكاء الاصطناعي ومحاكاة لحظية.

عندما يكتشف النظام حريقًا،
لا يسجلّه فقط، بل يرسل الإحداثيات ونماذج التوقعات عبر واتساب مباشرة إلى فرق الاستجابة،
موضحًا كيفية انتشار النيران خلال الساعات القادمة اعتمادًا على المناخ ونسبة الوقود النباتي.

قال فياو:

“عادةً تُكتشف الحرائق عبر مكالمات 911،
ولهذا تصبح كارثية… لأن المتصل لا يعرف الإحداثيات،
ولا يستطيع رجال الإطفاء الوصول بسرعة،
وحتى لو وصلوا، لا يعرفون كيف سيتحرك الحريق.”

اليوم، أصبح نظامه – الذي بدأ كمشروع مراهق –
أسرع من ناسا في اكتشاف بعض الحرائق.

قال:

“الوقت هو العامل الأهم في مكافحة الحرائق.”


تحقيق أثر عالمي

في حادثة، اكتشف النظام حريقًا قرب موقع تخييم قبل أن يلاحظ المخيمون أنفسهم.
وفي حالة أخرى بالأرجنتين، اكتشف حريقًا عند 1:40 صباحًا،
قبل بلاغ ناسا بـ 7 ساعات.

وفي المكسيك، سجّل رجال الإطفاء أول موسم حرائق بلا وفيات بفضل النظام.

حتى الآن:

  • راقب النظام 200 مليون هكتار حول العالم

  • ساعد في أكثر من 400 حالة استجابة لحرائق خلال آخر 3 أشهر فقط

  • وتستخدمه حدائق وطنية وشركات غابات ومشاريع كربون ومجتمعات ريفية وفقيرة

لكن بالنسبة لفياو، الأرقام ليست ما يدفعه.
قال:

“أهم شيء بالنسبة لي هو أن هناك أشخاصًا وحيوانات وغابات ما زالت موجودة… بسبب شيء صنعته.”

رغم صغر سنه، يتحدث بوعي أكبر من عمره،
بسبب تعرضه للخسارة البيئية مبكرًا،
واحتكاكه بتقنيات معقدة منذ طفولته.

قال:

“رحلة ريادة الأعمال ليست سهلة…
لكن الشعور بأن ما نصنعه يُحدث أثرًا حقيقيًا،
ويجعل العالم أكثر أمانًا،
ويُنقذ أرواحًا… هذا يستحق كل شيء.”

نشأ فياو في بوينس آيرس – الأرجنتين،
في منزل يقوم على الفضول والتفكير السريع.

قال:

“عندما كنت في 11 عامًا كنت أقدم خدعًا سحرية لكسب المال،
وبعد ذلك حصلت على ميدالية ذهبية في الجمباز،
ثم فزت بمسابقات الشطرنج،
وعندما بلغت 15 تعلمت البرمجة.”

قبل إطلاق Satellites on Fire،
كان لديه مشروع آخر مؤثر ظهر في الإعلام الأرجنتيني.

وببلوغه سن 21، حصل على تمويل من مؤسسات مثل:

  • معهد MIT

  • جامعة كورنيل

  • الأمم المتحدة

  • مؤسس Reddit

والآن تضم شركته مهندسين من ناسا،
ومختصي تعلم آلة من جامعة أكسفورد،
ومستشارين من وكالة الفضاء الأوروبية.

وأكد فياو أن شركته لن تتحول إلى شركة تقنية تبحث عن الربح فقط، قائلاً:

“معظم الجهات الداعمة لنا تعمل في مجالات المناخ والتقنية والأثر الاجتماعي.
ولأنني عشت المشكلة بنفسي… ما يحركنا هو الاستمرار في صناعة تأثير حقيقي.”

يخطط فياو مستقبلًا لتوسيع المشروع نحو إخماد الحرائق عبر الطائرات بدون طيار،
والتوسع في الولايات المتحدة وإفريقيا وجنوب شرق آسيا،
كما يعمل على تطوير آليات لقياس الأثر البيئي طويل المدى،
وخاصة حماية التنوع الحيوي.

وبالرغم من التوسع، يعود دائمًا إلى السبب الذي بدأ منه كل شيء.

كما قال:

“نريد استخدام الذكاء الاصطناعي… لكن بشكل مسؤول،
ولخدمة المشكلات الحقيقية التي يواجهها العالم الآن.”

0

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق

both, mystorymag

لايف ستايل

طبيعة سجية , صحة , اللياقه البدنيه
© all rights reserved
made with by Alsaae